الكبير الذي يتلقاه المؤمنون من ربهم ، هو «جنات عدن» أي جنات خلود ، لا يخرجون منها أبدا ..
وقوله تعالى : (يَدْخُلُونَها) خبر لجنات أي جنات عدن يدخلها المؤمنون.
وقوله تعالى : (يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ). هو حال من الفاعل فى قوله تعالى : (يَدْخُلُونَها)
وهذه الحلىّ التي يلبسها المؤمنون فى جنات عدن ، هى من بعض ما كانوا يشتهون فى دنياهم ، أو مما كانوا يتمتعون به ، ويجدون المسرّة منه .. فيكون من تمام النعمة عليهم أن ينالوا كلّ شىء كان مشتهى لهم فى دنياهم ، وقصرت عنه أيديهم ، أو كان متعة من متعهم فى هذه الدنيا ..
وليس هذا كل نعيم أهل الجنة ، بل هو شىء لا يكاد يذكر إلى ما هناك من نعيم لم تره عين ، ولم تسمعه أذن ، ولم يخطر على قلب بشر .. ولكنه من شهوات النفس فى دنياها ، فلا نحرم منه إذا هى نزلت منزل الإحسان المطلق ، والنعيم الشامل .. تماما كما يجىء إنسان من أقاصى الريف إلى مدينة كالقاهرة .. إن كل ما فى نفسه أن ينال شيئا مما كان يراود خياله ، ويطرق أمله ، كأن يدخل «السينما» أو يجلس فى مطعم فيأكل حتى يشبع ، أو يلبس بدلة!! أو نحو هذا .. إن آماله وهو فى عيشه الضيق الضنك ، لا تتسع لأكثر من هذا ..
ولك فى هذا مثل تجده فى طوارق الأحلام .. إن كل إنسان يقع له فى أحلامه ، ما يشتهيه فى يقظته ، وتقصر عنه يده ..
وفى عالم الأحلام متسع لكل شىء .. ومع هذا فإن المحروم من الشيء لا يكاد يحلم إلّا به ، وإن كان عند غيره تافها لا يلتفت إليه فى يقظة أو منام .. وفى المثل :
«الجوعان يحلم بالرغيف!»
فمخطىء أولئك الذين يتهمون الإسلام من هذا الجانب ، ويحقرون