فالأعمى .. والبصير .. لا يستويان .. هذا أعمى ، وذاك مبصر ..
والظلمات .. والنور. لا يستويان كذلك. هذه ظلمات ، وذاك نور ..
والظل .. والحرور .. لا يستويان أيضا .. هذا ظل بارد ، وذاك سموم حار ..
والأحياء .. والأموات .. على رفى نقيض .. هؤلاء أحياء ، وأولئك أموات هامدون ..
ويلاحظ هنا أمران :
أولهما : جمع الظلمات ، وإفراد النور ..
وذلك لأن الظلمات هى ظلال أشباح ، داخلة إلى عالم النور ، إذ كان العالم كله نورا من نور الله ، كما يقول سبحانه : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فالعالم كيان واحد من نور ، وهذا الظلام الذي يرى فى العالم ، إنما هو من ظلال تلك الأشباح الكثيفة الداخلة عليه ..
ومن جهة أخرى ، فإن الذي يعيش فى النور ، إنما يأخذ طريقا واحدا فيه إلى غايته ، أما الذي يعيش فى الظلمات ، فإنه لا يعرف له طريقا .. بل يتحرك مضطربا على طرق شتى ..
وثانيهما : تقديم الظل على الحرور ، والأحياء على الأموات .. وكان النظم يقضى بتقديم الحرور على الظل ، والأموات ، على الأحياء ، لتتسق ألوان الصورة كلها ، فيكون الأسود المعتم (الأعمى ، والظلمات ، والحرور ، والأموات) ـ فى جانب ، والأبيض المشرق (البصير ، والنور ، والأحياء ، والظل) ـ فى جانب آخر! فما حكمة هذا؟.
نقول ـ والله أعلم ـ إن الجواب على هذا من وجهين :