باعتبار المصدر الذي جاء منه ، وأنه من عند الله ، وليس من عند محمد ، وأن محمدا يأخذ حظّه من هدى الله هذا ، فليأخذواهم حظهم كذلك ـ فى غير حرج ، وليرتووا من هذا النبع العذب ، وألا يهلكوا أنفسهم ، بسبب أن كان القائم على هذا النبع رجلا منهم!
وقوله تعالى : (إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) أي ليس الله سبحانه وتعالى بعيدا عن هذا الهدى الذي يدعوهم إليه رسول الله .. إنه قريب منهم ، سميع لهمسات شفاههم ، وخفقات قلوبهم .. إنه سبحانه ، أقرب إليهم ، وإلى هذا الهدى من رسول الله ، وأنهم إذا جاءوا إلى هذا الهدى وجدوا الله عنده .. فما لهم لا يتلقون الهدى من الله ، إن أنفوا أن يتلقوه من رسول الله؟
إن فى هذه الحجة إلزاما لهم ، وقطعا لكل عذر يعتذرون به .. ويبقى للرسول مع هذا مقامه من ربه ، ومكانه من الدعوة إلى الله ..!
قوله تعالى :
(وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ)
هو سوق لهؤلاء الضالين الذين أمسكوا بضلالهم ، ولم يقبلوا هذا الهدى المعروض عليهم فى شتى صور العرض ـ هو سوق لهم إلى المصير المشئوم الذي ينتظرهم ..
والصورة التي يراها هؤلاء الضالون لأنفسهم هنا والتي يراها الناس لهم ، هى أنهم فى ساحة المحاكمة ، يوم القيامة ، وقد استولى عليهم الفزع من هذا الهول المحيط بهم ، وهذا البلاء المشتمل عليهم ، وقد أحيط بهم من كل مكان ، فلا فوت ولا مهرب لهم ..
وجواب الشرط للحرف «لو» محذوف ، للدلالة على أنه لا يحيط به