فى الآية ، فى قوله تعالى : (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ) .. أي أن المشركين حين سمعوا هذا القول ، وما وصفت به آلهتهم من أنها لا تملك مثقال ذرّة فى السموات ولا فى الأرض ، وليس لهم فيهما شرك ، ولا تصريف ، كما أنهم لا يملكون لهم شفاعة ، كما كانوا يظنون ويقولون فيهم : (هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) ـ حين سمعوا هذا ، فزعوا له ، وهالهم الأمر ، وركبتهم حال من الاضطراب والخوف من أن يصيبهم شىء من آلهتهم وقد استمعوا إلى هذا الحديث فيهم ، حتى لقد عجزت ألسنتهم عن أن تنطق بشىء .. ثم ظلوا هكذا ـ لا ينطقون .. حتى إذا زايلتهم تلك الحالة ، وفزع عنهم الفزع ، بوارد من واردات الحميّة .. نطقوا ، وقالوا للنبىّ ، وللمؤمنين ، ردّا على هذا القول الذي سمعوه ، وإنكارا له ، وتجاهلا لما سمعوه : (ما ذا قالَ رَبُّكُمْ؟) .. وكان جواب النبىّ والمؤمنين بلسان الحال ، أو المقال ، أو هما معا : (قالُوا الْحَقَّ .. وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) .. فهذا هو قول ربّنا ، وهذا هو ربّنا الذي نعبده.
وهذا الفهم هو أقرب عندنا ، إلى القلب ، وأرضى للنفس .. والله أعلم ..
قوله تعالى :
(قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) سؤال آخر للمشركين ، يوازنون فيه بين العلىّ الكبير ، الذي يؤمن به المؤمنون ، وبين آلهتهم التي أقاموها حجازا بينهم وبين الله ، حتى لقد عموا عن النظر إليه ، وحتى لقد أبت عليهم ألسنتهم أن ينطقوا به ، وأن يضيفوا أنفسهم إليه ، فقالوا للنبىّ والمؤمنين : «ماذا قال ربكم؟» ولم يقولوا ربّنا ..