ضانين بأنفسهم على أن يبذلوها في سبيل الله ، فهم إذ يضنون على المسلمين إنما يضنون على دين الله ، الذي يجاهد من أجله المجاهدون ..
ـ وقوله تعالى : (فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) وصف كاشف لهؤلاء المنافقين الذين يشهدون القتال ، بعد أن فضحت الآيات السابقة ما في قلوبهم من زيغ ، وما في نفوسهم من مرض .. فهم إذا جاء الخوف ، أي حضر البأس والقتال .. وقد عبر القرآن عنه بالخوف ، بالإضافة إليهم ، لأن القتال يطلع عليهم بما يملأ نفوسهم خوفا وهلعا .. أما المؤمنون ، فإنهم إذا جاء القتال ؛ قالوا : (هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَما زادَهُمْ إِلَّا إِيماناً وَتَسْلِيماً) .. (٢٢ : الأحزاب).
وفي إقامة الخوف مقام القتال ، إشارة إلى أن المنافقين أجبن الناس ، وأشدهم حرصا على الحياة ، وأن مجرد ذكر كلمة الحرب عندهم تملأ قلوبهم فزعا ورعبا ـ فالحرب بالإضافة إليهم ، خوف متجسد ..
ـ وفي قوله تعالى : (رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) تصوير للحال التي تستولى على هؤلاء المنافقين ومن في قلوبهم مرض حين تتحرك أمامهم أشباح الحرب ، وتلوح لهم جيوش العدو ، فكيف يكون حالهم من الفزع والرعب ، حين يلقون العدو ، وتسل السيوف وتشرع الرماح؟ إنهم يموتون بصعقات الخوف ، قبل أن يموتوا بضربات السيوف ، وطعنات الرماح!!
والخطاب هنا للنبى صلوات الله وسلامه عليه .. ونظرة المنافقين إلى النبي نظرة مذعورة، يائسة ، تطل من أشباح مضطربة متهالكة متهاوية .. (كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ)! وهذا مثل قوله تعالى : (فَإِذا أُنْزِلَتْ