المواقف الخاسرة. فهو تحذير لهم من أن يقعوا في هذا المحظور المنكر ، قبل أن يقع ..
والآية تكشف عن موقفين من مواقف المنافقين والذين في قلوبهم مرض ، الذين تخلفوا ولم يخرجوا للقتال ابتداء ، أثناء هذه المواجهة التي كانت بين المسلمين ، والأحزاب ، على حافتى الخندق الذي أقامه المسلمون حول المدينة ..
فهؤلاء الذين قعدوا ، لم يقفوا عند هذا الحدّ .. بل كان منهم المعوّقون ، الذين أمسكوا غيرهم معهم عن الخروج ، وزينوا لهم القعود مع القاعدين .. وكان منهم الذين أرادوا إفساد أمر الذين خرجوا .. يلقون إليهم بما يحسبونه نصحا لهم ، وإشفاقا عليهم ، فيقولون لهم فيما يقولون : عودوا إلينا .. (لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا).
ـ قوله تعالى : (وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً).
المفسرون على قول واحد ، فى أن هذا المقطع من الآية ، هو وصف من أوصاف هؤلاء المنافقين ، الذين تهدّدهم الله سبحانه وتوعدهم بقوله : (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا) وهو عندهم ، إما معطوف على صلة الموصول في قوله تعالى : (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ) أي الذين يعوقون غيرهم منكم ، ويقولون لإخوانهم هلم إلينا ، ولا يأتون البأس إلا قليلا .. وإما أن يكون حالا من الضمير في اسم الفاعل «والقائلين».
والرأى عندنا ـ والله أعلم ـ هو أن قوله تعالى : (وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً) حال من الضمير في «إخوانهم» .. وهذا الحال هو وصف كاشف لإخوان المنافقين ، الذين يدعوهم المنافقون إليهم ، ويطمعون في أن يستجيبوا لهم .. فهؤلاء الذين يطمع المنافقون في استجابتهم لهم ، هم من ضعاف الإيمان ، الذين يعرف المنافقون موطن الضعف فيهم ، ولهذا سماهم القرآن «إخوانهم».