هؤلاء الظالمين أصحاب تلك الديار ، وورثوا ما كانوا عليه من كفر وضلال ..
وفي قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ) ـ إشارة إلى أن السمع طريق من طرق الاهتداء .. سواء كان هذا المسموع من كلمات الله ، أو من الأخبار الصحيحة والعظات النافعة .. فالكلمة الطيبة ، إذا تلقتها أذن واعية ، واستقبلها قلب سليم ، أينعت ، وأثمرت ، كما تينع وتثمر البذرة الطيبة ، فى الأرض الطيبة ..
قوله تعالى :
(أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ).
الأرض الجرز : أي الجديب ، التي لا نبات فيها ..
وتلك آية من آيات الله ، تتملاها العين ، فترى فيها قدرة الله ، كما ترى فضله وإحسانه ..
فهذا الماء الذي يسوقه الله تعالى محمولا على أجنحة السحاب ، فينزل في الأرض الجديب ، ويحيى مواتها ، ويخرج من صدرها حبا ونباتا ، وجنات ألفافا ، تحيا عليها الأنعام ، ويعيش فيها الناس ـ فى هذا عبرة لمعتبر ، وذكرى لمن يتذكر.
وقدمت الأنعام على أصحاب الأنعام ، دلالة على أنه ليس للناس شىء فى تقدير هذا الرزق الذي يسوقه الله إليهم وإلى أنعامهم .. وإنما هو من عند الله ، وأن الأنعام والناس سواء في الاحتياج إلى الله ، وأنهم إنما يرزقون