الله للمخلوقات قائمة قبل الخلق ، ولكنها تتجلى حين يظهر المخلوق ، ويأخذ الانجاه الذي توجهه قدرة الله ، وعلمه ، وحكمته إليه ..
ومثله قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ، ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) (٤٠ : الروم).
فهذا الخلق ، ثم الرزق ، ثم الإماتة ، ثم الإحياء ، كلها واقعة في علم الله ، مقدورة لقدرته ، ولكنها تتجلى في كل مخلوق ، حالا بعد حال ، وزمنا بعد زمن ، حسب علم الله وتقديره.
واستواء الله سبحانه وتعالى على العرش ، هو تجلّيه سبحانه على هذه المخلوقات التي خلقها ، وإجراؤها على النظام الذي قدره لها ..
قوله تعالى :
(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ).
تدبير الأمر ، قضاؤه ، والأمر بإنفاذه ..
والمراد بالسماء هنا ، الإشارة إلى متنزل هذا الأمر المدبر ، وهو أنه من سلطان عال متمكن ..
والمراد بالأرض : الإشارة إلى ما يقضى به الله في شأن الناس ، وما يتصل بعالمهم الأرضى ، إذ كانوا هم المخاطبين بهذا ، والمدعوين إلى النظر فيه ، وتلقّى العبرة منه ..
وعروج الأمر إلى الله ، هو الرجوع إليه ، بعد أن يقع على الصورة التي أرادها ، فيعلمه سبحانه على الصورة التي وقع عليها ، وهذا العلم ليس