المخلوقين ، حتى إنه سبحانه ـ ليعمل في كل يوم عملا ، ثم يستريح بعد أن يعمل ، وحتى لكأنّ العمل قد أجهده وأتعبه .. وتعالى الله عما يقول الضالون علوا كبيرا .. (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٨٢ : يس).
وقد قلنا إن هذه الأيام ، هى العمر الذي نضج في بوتقته خلق السموات والأرض ، تماما كما يتخلّق كل مخلوق في زمن محدد .. من النطفة إلى الوليد ، ومن البذرة إلى الثمرة .. فلكل جنين زمن يتم فيه تكوينه ، ولكل ثمرة وقت تبلغ به تمامها ونضجها .. وهكذا كل مخلوق مما خلق الله!.
أما حصر الخلق في الستة الأيام هذه ، فذلك شأن من شئون الله في خلقه ، لا يسأل عما يفعل .. (يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ) (٦٨ : القصص).
ـ وفي قوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) ما يسأل عنه : ألم يكن الله سبحانه وتعالى عرش يستوى عليه قبل أن يخلق السموات والأرض؟ ألم يكن هناك سلطان لله قبل أن يخلق ما خلق؟.
ومع أن هذا التساؤل لا محل له ، لأنه مما يتعلق بذات الله ، ومما لا تناله العقول ، ولا تدركه الأفهام .. فالسؤال شطط ، والجواب عنه إمعان في هذا الشطط ـ مع هذا ، فإننا لكى نرضى هذا التطلع والفضول منا ، نقول : إن سلطان الله قائم أبدا ، وجد هذا الوجود أم لم يوجد .. فالعلم ، والقدرة ، والحكمة ، والسمع ، والبصر ، وغير ذلك من صفات الله ، هى صفات أزلية قائمة بالذات ، سواء ظهرت آثارها أو لم تظهر .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) (٥٠ : طه) .. فهداية