ـ هو استثناء من عموم الضمير الواقع فاعلا في قوله تعالى : (يَلْقَ أَثاماً) أي ويستثنى من الوقوع في هذا العذاب ، من تاب من هؤلاء المرتكبين لتلك الآثام من آثامه ، ورجع إلى الله ، مؤمنا به غير مشرك ، مستقيما على ما أمر به ، من عدل وإحسان .. فلا يقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، ولا يزنى .. فمن اجتنب هذه الكبائر ، فإنه لن يلقى هذا المصير ، بل يخرج من زمرة هؤلاء المجرمين ، ويأخذ طريقه مع عباد الله المكرمين ..
وقوله تعالى : (فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) ـ إشارة إلى أن هؤلاء التائبين الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، قد قبلهم الله في عباده ، وأنه سيبدل سيئاتهم تلك حسنات ، فإنه سبحانه كريم بعفو عن طالبى عفوه ومغفرته ، رحيم بعباده ، يرحم ضعفهم ، وما غلبتهم عليه أهواؤهم ، إذا هم رجعوا إليه تائبين ، مؤمنين ، مصلحين ـ ما أفسدوا .. والله سبحانه وتعالى يقول : (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) (١١٤ : هود) ولهذا قدم سبحانه التوبة –
فقال سبحانه : (إِلَّا مَنْ تابَ) أي عقد النية ، وعزم على التوبة ، ثم أتبعها بقوله تعالى : (وَآمَنَ) أي وقرن النية بالتوبة بالإيمان بالله ، وبكتبه ورسله ، واليوم الآخر ، فإن التوبة من غير إيمان بالله ، لا متوجّه إليها ، ولا محصل لها ..
ثم جاء قوله تعالى : (وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً) شرطا ثالثا لقبول التوبة ، وتصحيح الإيمان ، وهو العمل الصالح .. فالإيمان بلا عمل ، زرع بلا ثمر ..
وقوله تعالى : (وَمَنْ تابَ وَعَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتاباً) .. لم يجىء هنا ذكر للإيمان مع التوبة ، لأنه ذكر في الآية السابقة ، ولأن التوبة لا تكون إلا من مؤمن .. وذكر الإيمان في الآية السابقة للإلفات إليه ، والتنويه