القاتل على جنة قاتله في مواجهة الاتهام والمساءلة!
ـ وقوله سبحانه : (مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) .. هو بدل من قوله تعالى : (أَوْثاناً) .. وهذا يعنى أن الأوثان ، والمودة مثلان متعادلان .. فالأوثان في هذا التقدير ليست إلا هوى من أهوائهم ، وإلا كئوسا من الإثم ، يتعاطونها ، ويجتمعون عليها ، فنقيم بينهم من التآلف والتوافق ، ما تقيم مجالس الشراب بين الشّرب من اختلاط وامتزاج .. ثم إذا كانت لأحدهم صحوة بعد هذا ، ونظر نظرة سليمة إلى حاله تلك ، أنكر هذه المجالس الآثمة ، وأنكر أهلها ، ولعن كل وجه كان يلقاه فيها ..
وعلى هذا نجد وضع الآية الكريمة هكذا : وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ، فجعلتم هذه المودة القائمة على الهرى ، هى الرباط الذي ربط بينكم ، وجمعكم على هذا الضلال الذي أنتم عليه .. ولكن أين هذا من نظم القرآن وإعجازه؟ وأين الأرض من السماء؟
ـ قوله تعالى : (يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ) أي ويوم القيامة ينكشف لكم الأمر ، وتنقلب هذه المودة بغضة وعداوة ، فيكفر بعضكم ببعض ، وينكر بعضكم بعضا ، ويلعن بعضكم بعضا ، كما يقول سبحانه : (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) (٦٧ : الزخرف) .. فالمودة التي تقوم بين المؤمنين مودة قائمة على التقوى والخير ، يلتقى عليها المؤمنون في الدنيا والآخرة ، كما يقول سبحانه في أهل الجنة : (إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) (٤٧ : الحجر) والمودة القائمة على الهوى والضلال ، لا يلتقى أهلها يوم القيامة إلا على العداوة والمقت والبغضاء ، وفي هذا يقول الله تعالى : (قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ