ضلال ، وامتهان لكرامة الإنسان .. إنها لا تملك لهم رزقا .. وإنما لذى يبتغى عنده الرزق ، هو الله رب العالمين ..
هذه هي دعوة كلا النبيين الكريمين ، وقد بلغها كل منهما إلى قومه ، كما أمره ربه «وما على الرسول إلا البلاغ المبين» ..
ويلاحظ هنا ، أن قصة نوح تحمل إنذارا بالهلاك العام الشامل للكافرين جميعا ، على حين أن قصة إبراهيم لم تحمل نذيرا بالعذاب الذي سيحلّ بالمشركين فما سر هذا.
نقول ـ والله أعلم ـ إن قصة نوح تمثل الدور الأول من الدعوة الإسلامية وذلك في مكة قبل الهجرة .. وأن هجرة الرسول صلوات الله وسلامه عليه ، إلى المدينة مع أصحابه ، كانت أشبه بسفينة نوح ، حيث وجد المسلمون في المدينة أمنا وسلاما ، وحيث غرق المشركون في موقعة بدر ، ومن لم يغرق منهم في ميدان القتال ، مات غرقا في بحر الكفر والضلال ، قبل أن يدركه الإسلام يوم الفتح ، أما من ظل منهم على الحياة ، يتخبط في أمواج الضلال ، فقد انتشله الرسول الكريم يوم الفتح ، وألقى به في سفينة النجاة ، يوم ألقت مراسيها على المرفأ الذي أقلعت منه ..!
أما قصة إبراهيم فإنها تصافح قصة نوح ، وتلتقى بسفينة النجاة التي حملت النبي ومن معه إلى المدينة ، ثم عادت بهم يوم الفتح إلى مكة .. وهناك يقف الرسول صلوات الله وسلامه عليه ، موقف إبراهيم يوم أقبل على الأصنام فحطمها ، وجعلها جذاذا .. فقد أقبل النبي يوم الفتح على جماعات الأصنام التي كانت منصوبة حول الكعبة ، فقلبها على وجوهها محطّمة ، وهو يتلو قوله تعالى : (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) .. «٨١ : الإسراء»