الإيمان شىء من الضر أو الأذى المادي أو النفسي ، خلعوا ثوب الإيمان ، وتجردوا منه ، وارتدّوا على أدبارهم خاسرين ..
ـ وقوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ) أي من بعض الناس من يجرى كلمة الإيمان على لسانه ، ويحسب بهذا أنه من أهل الإيمان حقا ..
والإيمان ـ كما قلنا ـ ليس مجرد هذه القولة التي ينطق بها اللسان ، وإنما للإيمان تبعاته ، وله أعباؤه وتكاليفه ، من امتثال أوامر الله ، واجتناب نواهيه .. فمن لم يؤد للإيمان حقه الذي له ، فليس من الإيمان في شىء!.
ـ وقوله تعالى : (فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللهِ) ـ إشارة إلى أن هذا الذي يؤمن بلسانه ، ولا ينعقد الإيمان في قلبه ـ إذا أصيب بأذى في سبيل الإيمان ، أسرع بالتحول عنه ، ونسى أنه بهذا وإن يكن قد خلص من أيدى الناس ، وسلّم من أذاهم ، فقد وقع ليد الله ، ولبأسه وعذابه .. وشتان بين عذاب الله ، وعذاب الناس
وقوله تعالى : (وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ) أي أن ضعاف الإيمان هؤلاء ، يلبسون الإيمان ظاهرا ، فإذا مسهم الأذى تجردوا منه ، وإذا ساق الله إلى المؤمنين خيرا ، ومنحهم نصرا ، جاء هؤلاء المتلصصون ، ليأخذوا نصيبهم مع المؤمنين ، فيما أفاء الله عليهم من خير.
ـ وقوله تعالى : (أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ) ـ هو تهديد لهؤلاء المنافقين الذين لم يظهروا بعد ، على مسرح الحياة الإسلامية ، وإن كانوا سيظهرون ، وشيكا حين يلتحم القتال بين المؤمنين والمشركين .. وأنه إذا كان المؤمنون لا يعلمون من هؤلاء المنافقين إلا هذا الظاهر