سبيل الله ، إنما هو تزكية لأنفسهم ، وتطهير لقلوبهم ، وإعلاء لذواتهم .. وإنه ليس لله من أعمال عباده ما ينفعه أو يضره .. فلا ينفعه طاعة المطيعين ، ولا يضره عصيان العاصين .. وكيف ، وهو سبحانه الذي يقوم على وجودهم ويحفظ عليهم حياتهم ، ويمدّهم بكل نفس يتنفسونه في هذه الحياة؟ (إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ).
إن هذا الجهاد ، وهذا الصراع القائم بين الحق والباطل ، وبين المؤمنين والكافرين ، هو ضريبة الحياة ، وهو الثمن الذي يقدمه المؤمنون المجاهدون في سبيل حياة أفضل .. فهم أصحاب الحياة بحق ، وغيرهم دخيل عليها ، لا يستحق أن يأخذ مكانا كريما فيها .. فجهاد المجاهدين ، هو فى الواقع ، جهاد في سبيل وجودهم ، وجودا كريما في هذه الحياة الدنيا ، وإلّا فالموت في مجال الصراع خير لهم ، حيث ينقلون إلى دار خير من دارهم ، وإلى حياة أفضل من حياتهم ..
إن النبتة لا ترى النور ، ولا تصافح النسيم ، حتى تدفع برأسها الواهي الضعيف هذا التراب الذي قام فوقها ، وحجب النور عنها ..!!
وفي الإنسان ـ كل إنسان ـ أشواق إلى عالم الحق والنور ، وتقوم بينه وبين هذا العالم سدود من الباطل والضلال ، وإنه لكى يصافح معالم الحق والنور ، ينبغى أن يزيل هذه السدود ، وأن يحطمها بكل ما أوتى من قوة ، وألا يتحول عن موقفه منها حتى يبلغ غايته ، أو يموت دونها.
قوله تعالى :
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ).