فتقول لفرعون في نودد وتلطف واسترحام : «عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا»! وتقع هذه الكلمات من قلب فرعون موقعا ، فيجيب امرأته إلى ما طلبت ، ويترك لها الوليد ، تترضى به أنوثتها ، وتشبع به جوع أمومتها!
ـ وقوله تعالى : (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) جملة حالية ، من فاعل فعل محذوف ، دل عليه سياق الكلام .. والتقدير .. تركوا الوليد ، واستثنوه من الذبح ، وهم لا يشعرون بما سيأتيهم من هذا الوليد ، مما كانوا يحذرون ..
قوله تعالى :
(وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ).
فى الآية لفتة جانبية إلى أم موسى ، وإلى ما تعانى من آلام نفسية ، بعد أن ألقت بوليدها في اليم .. وفي هذه اللفتة تتصل خيوط الأحداث التي ينسج منها القدر هذا الحدث الكبير ، الذي سيولد بعد قليل .. وأم موسى لها دورهام في الأحداث المقبلة .. سينكشف فيما بعد!
ـ وفي قوله تعالى : (وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً) ـ إشارة إلى ما ترك ضياع الولد من يدها ، من فراغ كبير ، فى مشاعرها ، وأحاسيسها .. فلقد تعطلت بذهابه عنها كل العواطف التي تغذى بها الأم طفلها ، من سهر عليه ، ومناغاة له ، واشتغال به في نومه ، ويقظته ، وفي بكائه ، وصمته ، وفي حركته وسكونه. إن جوارحها كلها التي ترصدها الأم لطفلها ، قد أصبحت أدوات معطلة لا تعمل ، وهذا بدوره قد جعل قلبها ـ وهو مركز العواطف والمشاعر ـ كيانا فارغا ، لا يستقبل من الطفل ما يصل الأم به ، من مشاعر وعواطف ، إلا تلك العواطف السلبية .. من قلق ، وأسى ، ولوعة .. وهذا هو السر في هذا التعبير