ما حملوا من أوزار .. إنهم مسئولون عن أنفسهم ، بعد أن بلغتهم رسالة ربك .. فتخفف من هذه المشاعر الثقيلة الضاغطة عليك ، ودعهم وما حملوا : (وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْها) (١٦٤ : الأنعام) .. (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما يَصْنَعُونَ) (٨ : فاطر).
قوله تعالى :
(أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ .. إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً).
هو بيان لهذا الهوى الذي استولى على القوم ، واستبدّ بعقولهم ، وأن أكثرهم لا يسمعون ، ولا يعقلون .. فما هم إلا كالأنعام ، فيما يسمعون أو يعقلون .. إن أجهزة السمع عندهم لا تنقل إليهم إلا أصواتا ، وإن عقولهم لا تعقل إلا خواطر مبهمة غائمة .. فهم ـ والحال كذلك ـ دون الأنعام قدرا ، وأنزل منها منزلة في عالم الأحياء .. إذ كانت الأنعام مستقيمة على فطرتها التي فطرها الله عليها .. أما هؤلاء ، فقد أفسدوا فطرتهم ، واتخذوا أهواءهم قائدا يقودهم إلى كل مهلكة ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا!. وفي هذا تخفيف عن النبيّ فى مصابه في قومه ، هؤلاء الضالين. إنهم شىء تافه ، وأجسام تعرّت من آدميّتها ، فليس في فقدهم ما تخف به موازين الإنسانية أبدا ..
____________________________________
الآيات : (٤٥ ـ ٥٢)
(أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً(٤٥) ثُمَّ قَبَضْناهُ إِلَيْنا قَبْضاً يَسِيراً (٤٦) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً وَالنَّوْمَ سُباتاً وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً (٤٧)