للعقل من شواهد عليها .. فلم لا يؤمن المشركون بالله ، وهذا الوجود كله شاهد لله؟
قوله تعالى :
(بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ .. بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها .. بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ).
هذا تعقيب على قوله تعالى : (وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) .. وذلك أن البعث وإن لم يعلم يومه فإنه آت لا ريب فيه ، وعدم العلم بيومه ، لا يستدعى إنكاره وجحوده .. ولكن ذلك هو الذي فتن كثيرا من الناس ، وأضلهم ، فكفروا بهذا اليوم ، إذ لم يعلموه علما واقعا محققا .. وهذا غيب من الغيوب التي استأثر الله سبحانه وتعالى بعلمها .. فالذين ينكرون يوم البعث ، إنما ينكرون أمرا قامت عليه الأدلة ، وتظاهرت له البراهين ، وإن كان لا يشعر بها الغافلون الضالون ، ولهذا جاء قوله تعالى في الآية السابقة (وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) منبها إلى هذه الغفلة التي عليها هؤلاء المشركون المنكرون ليوم البعث .. إنهم لا يشعرون به ، مع أن كثيرا من الإشارات الدالة عليه تمر بهم ، ولكنهم في غمرة ساهون!
ـ وقوله تعالى : (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ) إضراب على الصفة التي وصفوا بها من قبل ، وهي عدم شعورهم بالبعث ، وإلقاء صفة أخرى عليهم فوق هذه الصفة ، وهي أن ما لديهم من علم في شأن الساعة ، كثير ، والشواهد عليه بين أيديهم لا تحصى ، ولكن هذا العلم ، وتلك الشواهد لم تحقق لهم علما بها .. وهذا هو بعض السر ـ والله أعلم ـ فى تعدية المصدر «علمهم» بحرف الجر فى ، بدلا من الباء .. فى النظم القرآنى (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ