فأين الحجة على ما بين أيديكم؟ وأين البرهان على ما تقولون من أن مع الله إلها أو آلهة أخرى؟ إن القول بلا حجة يستند إليها ، وبلا دليل يقوم عليه ـ هو كلام ، لا معقول له ، ولا حياة فيه ، ولا نفع لمن يتعلق به : (وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ لا بُرْهانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّما حِسابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ .. إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) (١١٧ : المؤمنون).
وفي هذا العرض الممتد ، المختلف الصور والألوان ، لآيات الله في الأرض وفي السماء ، وفي البر والبحر ، لا يجد المكابرون والمعاندون ، سبيلا إلى الإفلات والهروب من الإقرار بوحدانية الله .. إذ كانوا كلما أخذوا وجها من وجوه الضلال ، لقيهم معرض من معارض قدرة الله .. حتى إذا كان آخر المطاف كانت كل ظنونهم وأوهامهم في آلهتهم قد ضلت عنهم ، وفرت من بين أيديهم ، فوقفوا في حيرة ، بين الاتجاه إلى الله الذي يحجبهم عنه كبرهم وعنادهم ، وبين الجري وراء آلهتهم بعد أن انكشف لهم أمرها .. وهنا لا يطالبهم القرآن بأكثر من أن يستعملوا شيئا من العقل والمنطق ، وأن يحترموا إنسانيتهم ، فلا يؤمنوا إلا بما يقبله العقل ، ويطمئن إليه القلب ، وإلا بما يقوم للعقل منه برهان على أنه الحق!
لقد أقامهم القرآن في هذا العرض مقام الشك ، والشك ـ كما يقولون – أول مراتب اليقين ،
____________________________________
الآيات : (٦٥ ـ ٧٨)
(قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ(٦٥) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها