الخير معا ؛ فقد خصّ بالذكر هنا لما له من مقام كبير ، بين العبادات وأفعال الخير ، ولما فيه من مخاطرة بالنفس ، والمال ، وهما أعلى ما يملك الإنسان ، وأولى ما يحرص عليه ويضنّ به.
ـ وفى قوله تعالى : (حَقَّ جِهادِهِ) تأكيد لهذا الجهاد ، وبيان للصفة التي يكون عليها ، وهو أن يكون خالصا لله ، وفى سبيل الله ، لا يبتغى به شىء غير وجه الله .. وهنا يكون البذل للمال والنفس هيّنا ، إذا نظر إليه فى مقابل ثواب الله ، وابتغاء رضوانه.
ـ وفى قوله تعالى : (وَجاهِدُوا فِي اللهِ) بتعدية الجهاد بحرف الجر «فى» إلى لفظ الجلالة ، «الله» وإلى سبيل الله ، كما جرى ذلك فى الأسلوب القرآنى ـ فى هذا ما يشير إلى قدر الجهاد ، وإلى أنه لله وحده ، ومن أجل ذاته سبحانه ـ ولوجهه خاصة ـ فحرف الجر هنا للسببية ..
ومن جهة أخرى ، فإن الجهاد فى الله هو جهاد عام ، يشمل الجهاد فى سبيله وغيره ، كالأمر بالمعروف ، والنهى عن المنكر ، ومجاهدة النفس ، ونحو هذا ، مما يعلى كلمة الله ، ويقيم دعائم الحق ، ويثبت أركانه .. وهذا مثل قوله تعالى : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ). (٦٩ : العنكبوت)
ـ وقوله تعالى : (هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) هو تعليل للأمر بالجهاد ، وداعية إلى امتثال هذا الأمر ، لأنه صادر من الله الذي «اجتبى» أي اختار هذه الأمة .. واصطفاها من بين الأمم لحمل رسالة الإسلام ، آخر الرسالات ، وأكملها ، فهم لهذا مطالبون بأن يكونوا رسلا يحملون دعوة الإسلام ، وجنودا يدافعون عنها ، ويبذلون النفس والمال فى سبيلها .. إنها أمانة ، هم أهل لحملها ، إذ قد اجتباهم الله لها ، وخصّهم بها ..
ثم إن هذه الرسالة ـ رسالة الإسلام ـ مع ما فيها من دعوة إلى بذل