الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ). لا يمكن أن ينصرف إلى الآيات المقروءة ، المنزلة وحيا من السماء ..
وذلك لأن النبىّ ـ مجرد النبىّ ـ لا يدخل فى هذا الحكم ، إذ لا كتاب معه ، ولا صحف ، حتى يقع عليها النسخ فيما ألقى الشيطان فيها.!!
وإذن ، فالذى ينبغى أن نقطع به قطعا جازما ، هو أن معنى النسخ فى هذه الآية ، لا يمكن أن يكون واردا على نسخ آيات الله المتلوة ، كما هو المعروف عن النسخ بمعناه العام المطلق ، الذي فسره عليه المفسرون ..
وهذه الحقيقة ، هى فى الواقع من أقوى الأدلة على فساد المعنى الذي فهمت عليه الآية الكريمة ، والذي جاءت منه قصة ـ أو خرافة ـ «الغرانقة العلا» التي ستعرف نبأها عما قليل ..
وقبل أن نعرض لهذه الخرافة ، ننظر فى الآيات الكريمة التي تلت هذه الآية التي نحن بين يديها ، منذ أخذنا فى هذا الحديث .. فهذه الآيات مكملة لها ، ومعقبة عليها ..
يقول الله تعالى بعد هذه الآية :
(لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ) ..
وهذا يشير إلى أن ما ألقاه الشيطان فى أمنية الرسول أو النبىّ ـ هو فتنة للذين كفروا من أهل الكتاب ، وللقاسية قلوبهم من هؤلاء المشركين من قريش. بمعنى أن من اتخذهم الشيطان أولياء ، فجعل منهم جنودا مدججين بسلاح السفاهة والتطاول على الرسل والأنبياء ـ هؤلاء الجنود هم فتنة مطلة على الذين كفروا من أهل الكتاب ، وهم الذين فى قلوبهم مرض ، وعلى المشركين من