الدلالة بيّنة القصد ، لمن نظر إليها نظرا بعيدا عن وساوس الأساطير ، وهمسات الإسرائيليات ، التي كان يلقى بها اليهود إلى آذان القصاص ورواة الأخبار ، فيتلقاها عنهم المفسرون ، ويحملونها إلى الكتاب الكريم!!
فالآية الكريمة تكاد لوضوحها تنطق بمضمونها ، وتحدّث بمفهومها ، ولكن الخيال الأسطورى ، أغرى المفسرين بأن يستولدوا من الآية عجائب وغرائب منكرة .. كما سنعرضها عليك بعد قليل ..
وهنا نحبّ أن نشير إلى أن الآية الكريمة قد تحدّثت عن الرسول ، وعن النبىّ ، باعتبار أن لكل منهما صفة خاصة ، وأنهما لو كانا على صفة واحدة لما جاءت بهما الآية على هذا النظم ، الذي جاء العطف فيه بين الرسول والنبىّ بإعادة حرف النفي ، الذي يؤكد لكلّ من الرسول والنبىّ ذاتيته .. فكأنّ نظم الآية يقول : «وما أرسلنا من قبلك من رسول ، وما أرسلنا من قبلك من نبىّ» .. وهذا يعنى أن الرسول غير النبىّ ..
والذي عليه الرأى عند المفسرين والفقهاء ، أن كلّا من الرسول والنبىّ يوحى إليهما من الله ولكن الرسول ينفرد بأنه صاحب شريعة يتلقاها من الله ، ويدعو إليها الناس .. بخلاف النبىّ الذي لا شريعة معه ، وإنما هو على شريعة رسول سبقه ، وأنه يدعو إلى شريعة هذا الرسول .. فكل رسول نبىّ .. وليس كل نبىّ رسولا ..
وعلى أىّ ، فإن الرسول صاحب كتاب سماوى أو صحف سماوية .. أما النبىّ فلا كتاب ولا صحف معه ..
وهذا الوضع الذي يختلف فيه النبىّ عن الرسول ، له دلالة كبيرة فى المفهوم الذي ينبغى أن نفهمه من الآية السابقة ، وهو أن قوله تعالى : (فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي