ـ وفى قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) .. إشارة إلى أن المؤمنين معرضون للابتلاء من أعداء الله ، الذين يكيدون لهم ، ويريدونهم على أن يكونوا معهم ، وألا يخرجوا عن طريقهم. ولكن الله سبحانه وتعالى (يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) فيربط على قلوبهم ، ويثبت أقدامهم على طريق الهدى ، ويمدهم بالصبر على احتمال المكروه .. وهذا أشبه بالدروع الحصينة التي تتكسر عليها ضربات أهل الباطل والكفر .. إنها أمداد من الله ، وأدوات من أدوات الدفاع .. ثم ينتهى الأمر بانحسار جبهة الضلال ، واندحار أهله ، وغلبة الإيمان وانتصار المؤمنين : (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) (٢١ : المجادلة).
وأنت ترى. أن دفاع الله عن المؤمنين ، إنما يكون والمؤمنون فى مواطن الإيمان ، وفى ميدان المعركة.
وهذا يعنى أن المؤمن الذي يستسلم لعدوّ الله وعدوّ المؤمنين ، لا يكون فى ميدان المعركة ، ومن ثمّ فلا يكون من الله دفاع عنه ، إذ لا معركة قائمة بينه وبين عدوّه ..
ومن هنا ، كان واجبا على المؤمن الذي يطمع فى دفاع الله عنه ، ألا يلقى السلاح.
من يده ، وألا يفرّ من الميدان .. سواء أكان ذلك ميدان حرب ، أو ميدان رأى ، ودعوة إلى الله ..
ـ وقوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) ـ هو تهديد للكافرين ، الذين خانوا عهد الله وميثاقه الذي واثقهم به وهم فى أصلاب آبائهم ، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ؟ قالُوا بَلى شَهِدْنا) (١٧٢ : الأعراف).