فاشكروا له ، بهذا البذل ، الذي تبذلونه من لحومها ، لمن ترون أنه محتاج ، ولو لم يسأل .. ، وكذلك غير المحتاج من أهل وأصدقاء ..
قوله تعالى :
(لَنْ يَنالَ اللهَ لُحُومُها وَلا دِماؤُها وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ كَذلِكَ سَخَّرَها لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ).
أي أن هذه البدن التي تقدمونها قربانا ، و، تطعمون منها وتطعمون ، هى فى الواقع نفع خالص لكم .. فليس لله سبحانه وتعالى ـ وهى من عطاياه ـ شىء منها ، وليس فى تقديمها قربانا لله ، وإطعام من تطعمون منها ـ ما يصل إلى الله منه شىء .. فهذا كل شىء منها هو بين أيديكم : لحمها قد أكلتموه ، ودمها قد أريق على الأرض .. ومع هذا فهى قربان لكم ، تتقربون به إلى الله ، وتثابون عليه.
ـ وقوله تعالى : (وَلكِنْ يَنالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ) إشارة إلى أنه ليس المقصود من هذه الهدايا ذبحها ، وأكل لحمها .. وإنما المراد أولا وبالذات ، هو امتثالكم لأمر الله ، وإمضاء دعوته ، فيما يدعوكم إليه ، من التضحية بشىء عزيز عليكم ، حبيب إلى نفوسكم ، وبهذا تحسبون فى أهل التقوى من عباد الله .. وهذا هو الذي يناله الله منكم ، ويتقبله من أعمالكم .. إنه التعبّد لله ، والولاء له ، والاستجابة لأمره ..
وفى التعبير عن تقبّل الله سبحانه وتعالى للطاعات من عباده «بالنيل» ـ تفضّل من الله سبحانه وتعالى على عباده المتقين ، وإحسان مضاعف منه إليهم ، إذ جعل طاعتهم ، وتعبدهم له ـ إحسانا منهم إليه ، سبحانه وتعالى .. وهذا شبيه بقوله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) (٢٤٥ : البقرة). فهو سبحانه وتعالى ـ فضلا وكرما وإحسانا منه ـ يعطى ، ويقترض ممن أعطاه!