لم اختار الله أناسا من خلقه ، فأضافهم إليه. وجعلهم عبادا له؟ ولما ذا لم يضف الناس جميعا إليه ، وكلّهم عبيده ، وصنعة يده؟
وقد جاء الجواب : (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ) إنّه كما خلقكم بيده ، أقامكم بعدله وحكمته .. كلّ فى مكانه الذي أراده له .. (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (١٤ : الملك).
إنه ليس لمخلوق شىء مع الخالق .. (إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ) أيها المخلوقون ، فيجعلكم من عباده ، وأهل طاعته (أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ) فيضلكم ، ويختم على قلوبكم .. وليس للمرحومين من الناس ، ولا للمعذبين منهم مذهب إلى غير هذا المقام الذي أقامهم الله فيه ، وأرادهم له : (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ) (٢٣ : الأنبياء).
ـ وفى قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً) إشارة إلى أنه ليس إلى النبىّ أن يغيّر من قدر الله فى الناس شيئا .. فمن قدّر عليه الشقاء فهو من أهل الشقاء ، لا يتحول عنه أبدا ، ومن كتبت له السعادة فهو من السعداء لن يدفعها عنه أحد .. وليس الرسول وكيلا على الناس ، يدبّر أمرهم ، ويتسلط على مصيرهم ، وإنما هو بشير ونذير ، يؤذّن فى الناس بكلمات الله وآياته .. كما يقول سبحانه : (إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) (٧ : الرعد).
قوله تعالى : (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً).
فى الآية الكريمة ردّ على شبهة قد تقع لبعض الناس من قوله تعالى : (رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ) .. إذ قد يسأل بعض الناس : لما ذا كان هذا الحكم واقعا فى أبناء آدم ، حيث يرحم بعضهم ويعذّب بعضهم؟ فكان الجواب : إن ذلك هو حكم لله فى المخلوقات جميعا ، فى السموات وفى