قائمة الکتاب
إعدادات
التّفسير القرآني للقرآن [ ج ٨ ]
التّفسير القرآني للقرآن [ ج ٨ ]
تحمیل
قوله تعالى : (وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) ..
أي من سنن الله فى عباده ، هذا الموت الذي كتبه عليهم ، وجعله حكما واقعا على كل حىّ .. وهذه القرون ، التي خلت من بعد نوح إلى اليوم ، قد هلك أهلها جميعا ، وهم أعداد كثيرة ، تضمّ أمما وشعوبا لا يعلمها إلا الله ، وقد مضوا جميعا إلى ربّهم ، ليس معهم شىء مما كان لهم فى دنياهم ، إلا ما عملوا من خير أو شر ..
ـ وفى قوله تعالى : (وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) .. ـ إشارة إلى أن علم الله محيط بكل ما عمل الناس ، لا يعزب عنه مثقال ذرة مما عملوا .. وخصّ الذنوب بالعلم ، لأنها هى الخطر الذي يتهدد الناس ، حتى يحذروه ، فيكتب لهم الأمن والعافية .. فإنه إذا توقّى الإنسان الذنوب ، استقام على طريق الحق والخير ، لأنها هى الوارد الذي يرد عليه ويفسد فطرته ..
قوله تعالى : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً).
العاجلة ، هى الدنيا ، وما فيها من متاع ..
فمن قصر نظره على الدنيا ، وعمل لها ، ولم يلتفت إلى الآخرة .. فذلك هو كل حظّه ، وهو حظ قدّره الله تبارك وتعالى له ، لا أنّه جاء عن تقديره وتدبيره ، وإرادته .. فليس كل من أراد الدنيا بمستجيبة له ، وإنما الذي يستجاب له منها ، هو ما أراده الله له ..
وفى هذا ما يشير إلى أن طالب الدنيا قد بخس نفسه حظّها من الآخرة ، حيث لم يعمل لها ، ولم يصرف من همّه شيئا إليها ، على حين أن طلبه للدنيا وحصر همّه فيها لم يجىء إليه بشىء إلا ما أراده الله له .. وهذا ما يشير إليه قوله