فكأنهم مأمورون بالكفر والعصيان ، وإن لم يكن ثمّة أمر ولا إلزام ..! (إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) ..
وتسأل : ما الحكمة من إرسال الرسل إلى من حقّ عليهم القول؟
والجواب ، ما علمت من قوله تعالى : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) وذلك لإقامة الحجة عليهم ، ولإظهار مالديهم من إرادة تواجه إرادة الله .. وإن كانت إرادة الله هى الغالبة!
وتسأل : ما بال هؤلاء الذين حقّ عليهم القول يعذّبون وهم مسوقون سوقا إلى قدرهم المقدور؟
ولا جواب ، إلّا أنّ هذه هى مشيئة الله فى عباده .. (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) .. ولا يسأل الخالق عما يفعل فيما خلق : (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ) (٢٣ : الأنبياء).
وفى الإشارة إلى «المترفين» وهم أصحاب الثّراء ، الذي يعيش له أهله فى فراغ وبطالة ـ يعنى أن هؤلاء المترفين لا يرجى منهم خير ، ولا يطبّ لدائهم بدواء .. فهم كائنات فاسدة هازلة ، لا تجدّ أبدا .. ثم هم مع هذا قدوة الناس ، وقادتهم بما لهم من ثراء!
ـ وقوله تعالى : (فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ) ـ هو إشارة إلى ما قضى الله به فى عباده ، وما حكم به على هذه القرية ، من الهلاك والتدمير .. فقول الله : هو قضاؤه وحكمته .. وإحقاق القول : هو وقوعه ، ونفاذه ..
وأخذ القرية كلها بفساد المفسدين من أهل الترف فيها ، إنما لأن أحدا من أهل القرية لم يضرب على أيديهم ، ولم ينكر عليهم هذا المنكر ، والله سبحانه وتعالى يقول : (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) (٢٥ : الأنفال).