فألا! فقال تعالى : (قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ) (١٨ : يس) وقال سبحانه : (فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ .. أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ) (١٣١ : الأعراف).
والمعنى : أن كل إنسان يأنى يوم القيامة ، وقد حمل معه حصيلة أعماله كلها ، التي عملها فى دنياه ، من خير أو شر ، وقد لزمته ، ونيطت به ، حتى لكأنها قلادة تمسك بعنقه ..
فهذه هى الحلية التي يتحلّى بها الإنسان من دنياه .. هى طائر ، قد علق بعنقه ، لا يطير يمينا أو شمالا ، ولا يتحرك سانحا أو بارحا .. حيث لا عمل بعد أن يترك الإنسان هذه الدنيا .. لقد انقطع عمله ، وسكن طائره الذي كان يصحبه فى الشرّ والخير ونزل معه إلى قبره ، متعلقا به ، كما يتعلق الطفل بصدر أمه ، ويشدّ يديه إلى عنقها ..
* وقوله تعالى : (وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً) .. أي أنه بعد أن يبعث الإنسان ، يجد هذا الطائر قد أصبح كتابا منشورا .. (لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها) ..
قوله تعالى : (اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) هو أمر إلى كل ذى كتاب أن يقرأ كتابه ، وأن يحاسب نفسه بما فى هذا الكتاب ، فهو ناطق مبين .. (هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٢٩ : الجاثية)
____________________________________
الآيات : (١٥ ـ ٢٢)
(مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً (١٥)