والليل والنهار آيتان من آيات الله ، تحدّث كل آية منهما عن قدرة الله ، وعن حكمته .. وكلّ منهما مكملة للأخرى ، بل ومعلنة عنها ، ومحققة لوجودها .. فلو لا الليل ما كان النهار ، ولو لا النّهار ما عرف الليل ..
وكذلك الخير والشر .. آيتان من آيات الله فى الناس .. كلّ منهما مكمّل للآخر ، ومعلن عنه ، ومحقق لوجوده .. فلو لا الخير ما كان الشر ، ولو لا الشرّ ما عرف الخير ..
والدنيا والآخرة .. آيتان من آيات الله .. فى الناس .. فكل منهما مكملة للأخرى ، موصولة بها .. فلو لا الدنيا ما كانت الآخرة ، ولو لا الآخرة ما كانت الدنيا إلا لعبا ولهوا ، وما غرس الغارسون ما غرسوا فيها من معالم الحق والخير .. وما أعدّوا فيها هذا الزاد الطيب الكريم ، الذي ادخروه للآخرة.
ـ وفى قوله تعالى : (فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ) إشارة إلى أن الليل موقف سلبىّ بالنسبة لحياة الإنسان .. يخلد فيه الإنسان إلى الراحة ، ويسلم فيه نفسه للنوم ، ليعبّىء ذاته بأسباب القوة ، والنشاط ، حتى يعمل فى وجوه الحياة حين يطلع النهار بآيته المبصرة!
والليل هو الليل ، وإن بدّد الناس ظلامه بتلك المصابيح التي تجعل منه نهارا أو ما يشبه النهار!
فهو سكن الناس ، وهو الظرف الذي يأخذون فيه حظهم من الراحة والنوم .. إنه أشبه بالدنيا ، والنهار أشبه بالآخرة ..!
أكثر الناس فى الدنيا ، فى ليل لا يبصرون ، وفى سبات لا يستيقظون .. فإذا كانت الآخرة ، فهم فى نهار مبصر ، وفى يقظة واعية مدركة .. وفى هذا يقول الرسول الكريم : «الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا» .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (٢٢ : ق).