فلا يملكون إلا الحسرة تقطّع أكبادهم ، وإلا الألم ينهش صدورهم لما فاتهم من أمور كانت ترد على سمعهم ، وتحتشد أمام أنظارهم .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) (٢٢ : ق).
ـ وقوله تعالى : (لكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) .. لكن هنا للاستدراك والتعقيب على هذا الوصف الذي يكون عليه هؤلاء الظالمون يوم القيامة .. إنهم يوم القيامة سامعون مبصرون .. لكنهم اليوم ، أي اليوم الذي هم فيه فى الدنيا ، فى ضلال مبين ، لا يسمعون ولا يبصرون.
قوله تعالى :
* (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ).
هو خطاب للنبى صلىاللهعليهوسلم ، وهو أمر له صلوات الله وسلامه عليه بأن ينذر المشركين ، وأن يحذّرهم من يوم الحسرة ، وهو يوم القيامة ، حيث تشتد فيه حسرة الذين غفلوا عن هذا اليوم ، ولم يعملوا له ، كما يقول سبحانه وتعالى : (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ) (٢٧ : الفرقان). وقوله سبحانه : (يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً) (٤٠ : النبأ).
وفى توجيه الأمر بالإنذار إلى المشركين ، بذكر ضميرهم ، العائد على غير مذكور .. هكذا : (وَأَنْذِرْهُمْ) فى هذا إشارة إلى أنهم بعض هؤلاء الضالين الكافرين الذين ذكروا قبلهم فى قوله تعالى : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا) .. فأهل الضلال ـ أيّا كانوا ـ هم كيان واحد ، لا خلاف بين من تقدّم منهم ، أو تأخر ، ولا فرق بين من يكون من هؤلاء القوم ، أو أولئك ..!