أسرار لا تحصى ، يراها ذوو الأبصار التي اكتحلت بنور الحق ، فترى ما لا تراه العيون.
* * *
ويحسن بنا هنا أن نقف وقفة قصيرة «مع القضاء والقدر» .. حيث كانت قصة موسى والعبد الصالح درسا عمليا لهذه القضية ، التي يتحكك بها العقل ، ويدور فى فلكها مسير الإنسان ومصيره ..
[القضاء .. والقدر .. والإنسان ..]
موضوع القضاء والقدر لا يعتبر مشكلة يعالجها العقل ، ويلتمس الحلول لها ، إلا إذا نظر إليه من جانبين معا : جانب يتصل بالله ، وجانب يتصل بالإنسان .. وهذا يعنى أن الذي ينظر فى هذه المشكلة ، لا بد أن يكون من المؤمنين بالله ، أو على الأقل من المؤمنين بما وراء المادة .. أما المادّيون الذين يقيمون وجودهم ، ويسوّون حسابهم على مستوى العالم المادي ، فليس القضاء والقدر من المشكلات التي تلقاهم على طريق الحياة ، وتوجّه أبصارهم إليها ، وتلفت عقولهم نحوها ..
وتبدو المشكلة ـ عند المؤمنين بالله ، أو المؤمنين بما وراء المادة ـ هكذا :
إذا قلنا إنّ الإنسان مخيّر ، كان معنى هذا أنه مطلق من كل سلطان ، وأن ليس بينه وبين الله ، أو بينه وبين أية قوة أخرى غير منظورة ـ علاقة ، تحدّ من مجرى حياته ، أو تؤثر فى تصرفاته ..
وفى حدود هذا القول ، لا مجال للنظر فى القضاء والقدر ، حيث يبدو