لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً (٥٨) وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً) (٥٩)
____________________________________
التفسير :
بعد هذا العرض الكاشف الذي جاءت به الآيات السابقة ، لمواقف المؤمنين والمشركين ، وأولياء الرحمن وأتباع الشيطان ، وما يرى هؤلاء وأولئك من جزاء فى الآخرة ـ بعد هذا ، تعود آيات القرآن الكريم ، فتلتقى بالمشركين من أهل مكة مرة أخرى ، وتذكرهم بما يتلى عليهم من آيات الله .. فيقول سبحانه :
* (وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) وفى الإشارة إلى القرآن الكريم بقوله تعالى : (هذَا الْقُرْآنِ) ـ وهو معروف لهؤلاء المخاطبين ـ تنويه بشأن هذا القرآن ، وبمقامه العالي الرفيع ، الذي لا يراه إلا من رفع رأسه عن تراب هذه الأرض ، واستشرف ببصره إلى مطالع الحق فى آفاقه العليا ، عندئذ يأخذ الإنسان الوضع الذي يمكن أن يرى فيه من معالم الوجود ، ما لم يكن يرى منها شيئا ، وهو ينظر إلى موقع قدميه!
والتصريف : هو الإرسال ، والبعث ، والسوق .. ومنه تصريف الرياح ، وهو هبوطها من أكثر منه؟؟؟ .. وتصريف الأمثال : سوقها ، وبعثها ، مثلا بعد مثل ..
وكلّ مثل فيه العبرة والعظة ، وفيه ما يفتح للعاقل الطريق إلى الحقّ والهدى .. فكيف وهى أمثال كثيرة ، تلتقى مع كل عقل ، وتتجاوب مع كلّ فهم .. ولكن الجدل والمراء ، آفة الإنسان ، والحجاز الذي يحجز عقله عن أن يميز الخبيث من الطيب ، ويفرق بين النور والظلام! (وَكانَ الْإِنْسانُ