وذريته فى هذه الصورة الساقطة من بين المخلوقات جميعا ، وأنهم مضلّون ، مفسدون .. وأنه إذا جاز أن يتخذ الله سبحانه وتعالى من خلقه عضدا ، أي معينا ـ وتعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا ـ فإنه لن يتخذ أرذل خلقه ، وأبعدهم من رحمته .. إنه لا يستقيم أبدا أن يقرّب الإنسان أبغض الناس إليه ، ويتخذهم أعوانا له ، وبين يديه من هم أحباؤه ، وأصفياؤه ، وأهل ودّه؟ فكيف بالله سبحانه وتعالى ، وبحكمته وعلمه بخلقه؟
قوله تعالى :
* (وَيَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً).
الموبق : المهلك ، وهو هنا النار التي يلقى فيها المشركون.
وهذه الآية عرض عام لما يكون بين المشركين ، وبين من اتخذوهم شركاء من دون الله ، حين يجدّ الجدّ ، وتقع ساعة الحساب .. عند ذلك ينادى منادى الحق على هؤلاء المشركين : أن ادعوا شركاءكم الذين زعمتم ، أي الذين اصطنعتموهم من مزاعم أوهامكم وظنونكم .. (فَدَعَوْهُمْ .. فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ) .. بل أنكروهم ، وأنكروا أن لهم صلة بهم .. أو لم يستجيبوا لهم أصلا ، إذ كان ما عبدوه وهما باطلا ، لا وجود له .. (وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً) أي جعلنا بين المشركين وبين من أشركوا بهم «موبقا» أي حاجزا من النار يلقى فيها هؤلاء المشركون ، دون أن تمتد إليهم يد من هؤلاء الشركاء الذين كانوا يعبدونهم ، ويلقون إليهم بالمودة والولاء ، فهذا الذي كان بين المشركين وبين معبوداتهم من ولاء ومودة ، قد صار هلاكا ، ووبالا ، ونارا تلظّى!
وفى قوله تعالى : (شُرَكائِيَ) بإضافتهم إليه سبحانه وتعالى ، مع أنهم ليسوا شركاءه على الحقيقة ـ فى هذا عرض لتلك الجريمة الشنعاء على أعين هؤلاء