كان ذلك أدعى إلى فتورها ، وضعفها ، وزيادة البرودة فيها .. فإن السلبية معناها انسحاب الأشخاص ، والأحداث ، إلى الوراء ، والاتجاه إلى حيث العزلة والانزواء ، فلا تتبعهم عين ، ولا يشخص إليهم شعور!.
* * *
وننظر فى قصة أصحاب الكهف ، كما عرضها القرآن الكريم ، وقد خلت شخصياتها من المرأة ، كما تجردت أحداثها من الإيجابية ـ ننظر فى هذه القصة فنرى القرآن الكريم ، قد ألبسها الحياة ، وخلع عليها روحا من روحه ، حتى لقد تحركت أمكنتها ، ونطق صامتها ، وجرت الحياة قوية دافقة فى كل ما شمله موضوعها من كائنات ، حية وجامدة ، وناطقة ، وصامتة .. وكان هذا الحسن فى العرض ، وهذه الدّقة المعجزة فى تحريك الأحداث ، عوضا عن حسن المرأة ودلّها ، وبديلا من واقف الإيجاب ، وتفاعل الأحداث. ولو لا هذا العرض المعجز ، لما كانت هذه القضة قصة ، ولما خرجت عن أن تكون خبرا يروى ، أو حديثا ينقل.
* * *
وسورة «الكهف» التي سمّيت هذه التسمية به ، لم يكن فيها قصة أصحاب الكهف وحدهم ، وإنما ورد فى هذه السورة ثلاث قصص أخرى .. هى قصة الرجلين : المؤمن والكافر ، وما انتهى إليه أمر كل منهما .. ثم قصة موسى والعبد الصالح ، ثم قصة ذى القرنين ، وما جرى على يديه من أحداث .. كما سنرى.
ويلاحظ أن هذه القصص ـ شأنها شأن قصة أصحاب الكهف ـ قد خبت جميعها من عنصر المرأة .. ثم يلاحظ أيضا أن حوادثها جميعها من الخوارق المعجزة ، التي يعجز الإنسان عن تصوّرها فى عالم الواقع ، إلّا أن يكون