فى كيان من يراها ، علما محققا ، ويقينا راسخا بأنها من عند الله .. فهى آيات ناطقة ، لا تحتاج إلى أكثر من إنسان ، له ما فى الإنسان من سمع وبصر وعقل ، إذا هو التقى بها ، ونظر فيها ، أرته من وجهها ما يشهد بأنها من عند الله ، وأن الرسول الذي جاء بها ، إنما هو رسول الله!
وإذن ، فمن شأن فرعون ـ إن لم يكن قد علم ـ أن يعلم أن هذه الآيات إنما نزلت من عند الله ، وأن موسى ليس إلا حاملا لها ، ومبلغا إياها ..! وهو ما يشير إليه قول موسى لفرعون : (لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) .. أي إنك لتعلم هذا ، ولكن العناد والكبر ، يأخذان عليك الطريق إلى الإقرار بالحق ، والإذعان له ..
وفى الإشارة إلى الآيات بإشارة العقلاء «هؤلاء» ما يدل على أنهن آيات تنطق بلسان مبين ، وتحدّث عن نفسها ، وتبين عن حقيقتها ، حتى لكأنها ذات عقل يدرك ، ولسان ينطق.
ـ وفى قول موسى لفرعون : (وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً) ردّ على قول فرعون له : (إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً) .. والظن هنا بمعنى اليقين ، سواء ظن فرعون ، أو ظن موسى .. ففرعون يقول عن يقين قائم على جهل وعناد ، وموسى يقول عن يقين ، يشهد به واقع الحال ، ويدلّ عليه ما ركب فرعون من كبر وعناد!
قوله تعالى : (فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً).
الاستفزاز : الإفزاع ، والإزعاج ..
وإرادة فرعون ، هى همّه ، وتأهبه .. أي أنه عند ما رأى فرعون ما رأى من معجزات ، وأبى أن يؤمن بها ، وأعجزته الحيلة عن أن يتحدّى تلك المعجزات ـ أراد أن ينتقم من بنى إسرائيل ، الذين جاء موسى ليخّلصهم من