يقرأ كتابه ، ويقرأ كتب أصحابه! أما أهل الشمال .. فكل منهم فى شغل بما بين يديه من همّ ثقيل!!
قوله تعالى : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) هو بيان للجماعة المقابلة لأهل اليمين ، الذين أخذوا كتبهم بأيمانهم ، وجعلوا ينظرون فيها ، ويقرءون أعمالهم الطيبة التي تبشرهم بالفوز والفلاح ..
ولم تذكر الآية أصحاب الشمال ذكرا صريحا ، وإنما دلّت عليهم بأوصافهم .. فهم عمى يوم القيامة ، لما يغشاهم من كرب هذا اليوم ، وما يطلع به عليهم كتابهم الذي يأخذونه بشمالهم ، من نذر الشؤم والبلاء .. فلا ينظرون إليه ، وإذا نظروا لم يبصروا شيئا .. حيث ملك الرعب وجودهم ، وأخذ الفزع قلوبهم وأبصارهم! إنهم كانوا عميا فى هذه الدنيا ، فلم يروا آيات الله ، ولم ينظروا فيما جاءهم به رسل الله من هدى ونور .. وهاهم أولاء فى الآخرة على ما كانوا عليه فى الدنيا ، قد غرقوا فى بحر متلاطم الأمواج من الكرب والبلاء ، فلا يجدون طريقا للنجاة ، ولا يرون وجها للفرار من هذا الهول العظيم ..
قوله تعالى : (وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً) ..
فتنه يفتنه عن الشيء فتونا : أضلّه عنه ، وصرفه إلى غيره.
والافتراء : الاختلاق ، وتلفيق الأخبار ..
وفى هذه الآية ، يردّ المكذّبون بالآخرة ، إلى الدنيا مرة أخرى ، بعد أن رأوها عيانا فيما يشبه أحلام اليقظة .. وما يكادون يصحون من غفوتهم تلك حتى يواجهوا بما كانوا يأخذون به النبىّ من عنت ، وما يتهدّدونه من أذى .. حيث يريدونه على أن يترك آلهتهم ، ولا يعرض لها فى القرآن الذي يتلوه على