فى عباده ، فإنه تحذير من الشر ، وترغيب فى الخير .. وعلى التحذير والترغيب يعتدل ميزان الناس ، حيث يجدون القانون الذي يحتكمون إليه .. وهنا يصحّ الابتلاء ، ويقع الاختبار .. فمن كان من أهل السعادة ، اهتدى بهدى الله ، وعمل بأوامره ، واجتنب نواهيه ، ومن كان من أهل الشقاء ، أخذ طريقه مع الشيطان ، فضلّ بضلاله ، وغوى بغوايته .. وكل ميسّر لما خلق له ..
قوله تعالى (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ وَكَفى بِرَبِّكَ وَكِيلاً).
فعباد الله ، هم أولئك الذين سبقت لهم من الله الحسنى ، وهؤلاء لا سبيل للشيطان إليهم ، إنهم فى عصمة منه بهذا القضاء الأزلىّ من الله فيهم .. وهو قضاء خفىّ لا يعلمه أحد ، ولا يدرى مخلوق إن كان من أهل السعادة أو أهل الشقاء .. ومن هنا كان السعى والعمل ، والتسابق إلى الإحسان ـ من مطلوبات الناس ، ومن مبتغياتهم .. لأن الإحسان هو الأمارة الدالة على الفوز والنجاة. فمن كان من أهل السعادة ، عمل عمل المحسنين ، ومن كان من أهل الشقاء عمل عمل المسيئين .. وفى الحديث : «إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يبقى بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه القضاء فيعمل بعمل أهل النار ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى لا يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه القضاء فيعمل بعمل أهل الجنة!» .. وهكذا نحن فى الحياة .. طلاب العلم مثلا : العاقلون المجدّون منهم ، هم على طريق النجاح عند الامتحان ، والمهملون الغافلون ، هم على طريق الإخفاق ..
وقد يجدّ للعامل المجدّ ما يصرفه عن العمل والجدّ ، فيخفق ، ويجدّ للكسول المهمل ما يدفعه إلى الجدّ والتحصيل ، فينجح. وكل سائر إلى القدر المقدور له .. ولكن سنّة الله قائمة فى الناس : أن لا ثمرة بغير عمل ، ولا حصاد إلا بعد زرع!