المواقف اللئيمة ، التي كان يقفها المشركون من النبىّ .. وهذا الموقف هو اتهامهم للنبىّ ، بأنه افترى على الله هذا القرآن الذي جاءهم به ، وأنه إنما تلقى هذا القرآن من أحد علماء أهل الكتاب .. ولهذا كان تكذيبهم له ، وتصدّيهم لدعوته ، وتطاولهم عليه وعلى من آمن به ، بالضرّ والأذى .. وقد امتحن كثير من المؤمنين فى أنفسهم .. كبلال ، وعمّار بن ياسر ، وأبيه وأمه ، حتى لقد مات بعضهم تحت وطأة العذاب الذي كان المشركون يرمونهم به ، فى غير رحمة أو مبالاة!
وفى مواجهة هذا البلاء الذي استمر بضع سنوات ، لم يكن أمام المسلمين إلا أن يهاجروا ، وأن يوطنوا أنفسهم على استقبال الأذى ، والصبر على المكروه حتى الموت.
وقد هاجر كثير من القادرين على الهجرة .. الذين يملكون أمر أنفسهم .. وتخلف كثيرون ، لم يكن أمرهم إلى أيديهم ، إذ كانوا فى جملة العبيد والإماء .. أو تحت حكم العجز والمرض .. ونحو هذا ..
وفى المتخلفين من صبر حتى مات تحت وطأة البلاء ، مثل سميّة أم عمار بن ياسر ، ومنهم من رأى أن يرى المشركين منه ، أنّه قد استجاب لهم ، ورجع عن الدين الذي آمن به على يد محمد ـ فأعطاهم بلسانه ما لم يسمح به قلبه ، الذي ظلّ على إيمانه بالله ، وولائه للدّين الذي دخل فيه .. ومنهم من أعطى المشركين بقلبه ما أعطاهم بلسانه .. فعاد كافرا .. ودخل فى الكفر فى غير تحرّج أو تأثّم ، بل اطمأن إليه ، وشرح صدره له!
ولا شك أن هذه حال أثارت البلبلة والاضطراب فى نفوس المسلمين ، وخاصة أولئك الذين انعقدت قلوبهم على الإيمان ، وإن صرحت ألسنتهم بالشرك ، تقيّة ، تحت حكم القهر والاضطرار .. فهم ـ والحال كذلك ـ