هو جواب عن سؤال يقع فى الخاطر ، حين يستمع المرء إلى كلمات الله سبحانه وتعالى عن النحل ، وعن وحيه إليه ، وأمره له ، فيلفته ذلك كله إلى النحل ، وإلى أن يسأل نفسه ، ما شأن هذا النحل؟ وما الرسالة التي يؤديها هذا المخلوق الضئيل الذي يتلقى من ربه وحيا كما يتلقى الأنبياء؟ فيكون الجواب : (يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) ـ تلك هى رسالة النحل ، يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه ، يتلوّن بلون الغذاء الذي يتناوله .. أما ثمرة هذه الرسالة .. وأثرها فى الحياة ، فذلك ما كشف عنه قوله تعالى : (فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) ففى هذا الشراب الذي يخرج من بطون النحل شفاء للناس .. أي إن فى تناول الناس له شفاء لكثير من أمراضهم وعللهم ، وليس لكل الأمراض والعلل .. ولهذا جاء التعبير القرآنى (فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ) بالتنكير ، ولم يجىء : «فيه الشفاء للناس» ، الذي يدل بتعريفه على العموم والشمول ، وهذا من حكمة الحكيم العليم .. فلو كان شراب النحل شفاء من كل داء لأدخل الخلل على نظام الحياة الإنسانية ، التي لا تستقيم إلا مع الصحة والمرض معا.
روى أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم جاءه من يشكو إليه مرض أخيه ، بداء فى بطنه ، فقال صلىاللهعليهوسلم : «اسقه عسلا .. فسقاه فلم يشف ما به ، فجاء إلى النبي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ شاكيا ، فقال : اسقه عسلا .. فسقاه .. فلم يذهب بدائه .. فجاء إلى النبي صلىاللهعليهوسلم شاكيا ، فقال : «صدق الله وكذب بطن أخيك» اسقه عسلا .. فسقاه ، فشفى!
هذا ويجوز أن يكون الضمير فى قوله تعالى : (مِنْ بُطُونِها) عائدا إلى السبل ، أي يخرج من بطون هذه السبل شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس .. وهذا يعنى أن رسالة النحل فى هذه الحياة ، هى أن تسعى هذا السعى فى الحياة ،