قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) هو تعقيب على هذه النعم التي بثّها الله سبحانه وتعالى فى الأرض ، وفى السماء ، وفى البحار ، وفى اليابسة .. وفى هذا استحضار لعظمة الله وقدرته ، فى مواجهة هؤلاء المعبودين الذين يعبدهم المشركون ، ويسوّون بينهم وبين الخلاق العظيم .. وفى تلك المواجهة يظهر قدر هذه المعبودات ، وتنكشف ضآلة شأنها عند من ينظر إليها ، وينتفع بما يجىء به إليه نظره منها ، إذا هو وازن ذلك بما يأتيه به النظر فى آيات الله ومبدعاته فى هذا الوجود ..
قوله تعالى : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) هو خطاب لأولئك الذين نظروا فى آيات الله ، وفى النعم التي أفاضها عليهم ، وجعلوا يقرءون فى صحف الوجود هذه الآيات وتلك النعم ، وإنهم لن ينتهوا أبدا من القراءة ، ولن يطووا هذه الصحف ، إذ كلما نظروا إلى آيات الله ، جاءهم منها جديد ، لا يحصيه عدّ ، ولا يحصره عدد ..
ـ وفى قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) إشارة إلى أن هذه النعم التي أفاضها الله على عباده ، والتي لا تحصى عددا ، لا يقوم بشكرها الشاكرون ، ولو أفنوا أعمارهم يسبحون بحمد الله ويشكرون له ، ومع هذا فإن الله يقبل منهم القليل من الشكر ، ويتجاوز لهم عن كثير .. (إِنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) ..
قوله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ) .. أي أن شكر الشاكرين وحمدهم ، سواء أكان سرّا أو جهرا ، هو معلوم لله ، وأنه مقبول عنده السرّ والجهر ، كما يقول سبحانه. (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) (٢٧١ : البقرة)