طعومه وتتفاضل مذاقاته .. كما يقول الله تعالى. (وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ).
وكما قلنا : إن أكثر الشجر الطيّب طيبا ، هو ما كثر خيره ، واتصل عطاؤه ، وقلّ الجهد المبذول فى تنميته ـ نقول إن أكثر الكلم الطيب طيبا هو ما كثر خيره. واتصل عطاؤه. وقلّ الجهد المبذول فى تحصيله وفهمه.
وإذا كانت النخلة ـ كما قلنا ـ هى الشجرة التي تتمثل فيها هذه الصفات ، فإننا نستطيع أن نقول إن كلمة التوحيد. هى رأس الكلام الطيب كلّه ، وأطيبه جميعه ..
فكلمة «لا إله إلا الله» هى الكلمة الجامعة لكل خير ، المشتملة على كل هدى ، الموصلة إلى كل طيب ، وبغير هذه الكلمة لا تثبت للإنسان قدم على طريق الهدى ، ولا يطلع له نبت فى مغارس الخير ..
وليست الكلمة فى ذاتها ، من حيث هى كلمة ، هى التي يكون لها هذا الوصف من الطيّب ، أو تكون لها تلك الأوصاف من الخبث .. وإنما الكلمة ـ طيبة كانت أو خبيثة ـ لا يظهر طيبها ، أو خبثها ، إلا إذا التقت بعقل الإنسان ، ونفذت إلى قلبه ، وسرت فى مشاعره ، وسكنت إلى وجدانه ـ عندئذ تخرج خبأها ، وتصرّح عن مكنونها ، وتعطى الثمر الطيب أو الخبيث الذي كان مستودعا فى كيانها ـ إنها أشبه بالنواة من الشجرة ، والبذرة من النبات ، لا ينكشف ما بها ، حتى تعلق بالأرض ، وتترعرع وتنمو ، ثم تزهر ، وتثمر ..!
وكما أنه بالتجربة والاختبار ، قد عرف ـ مقدما ـ ما تعطيه نواة هذه الشجرة أو تلك من ثمر ، حلو أو مرّ ، إذا هى غرست فى مغارسها وتهيأت لها أسباب