بالكافرين من عذاب الله فى الآخرة .. فيسأل : أليس لهؤلاء الكافرين أعمال طيبة فى دنياهم ، تخفف عنهم هذا العذاب ، أو تصرفه عنهم؟
والجواب : إن لهم أعمالا تحسب فى الأعمال الصالحة النافعة لو أنهم كانوا مؤمنين .. أما وقد عملوا هذه الأعمال وهم على الكفر بالله ، فإن كفرهم يفسد كل صالح لهم ، ويخبث كل طيب كان منهم .. ذلك أنهم وقد كفروا بالله لم يكن لهم عمل يتجهون به إلى الله ، ويرجون به المثوبة عنده .. فبطل بهذا كل عمل لهم ..
ـ وفى قوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) ـ جمع بين الذين كفروا وأعمالهم ، حيث شملهم هذا الوصف : (كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ) .. فالذين كفروا هم وأعمالهم يوم القيامة لا يلتفت إليهم ، إلا كما يلتفت إلى رماد اشتدت به الريح فى يوم عاصف .. إنهم وأعمالهم ريح خبيثة تهبّ على أهل الموقف محمّلة بهذا الرماد الثائر ، الذي تتأذى به العيون ، وتزكم الأنوف وتنقبض منه الصدور .. ولو جاء النظم هكذا : مثل أعمال الذين كفروا بربهم كرماد اشتدت به الريح ، فى يوم عاصف ـ لو جاء هكذا ، لذهب هذا المعنى الذي كشف عنه النظم القرآنى ، والذي جمع بين الكافرين وأعمالهم كما تجتمع النار ومخلفاتها من رماد!!
وفى تشبيه أعمال الذين كفروا بالرّماد ، دون التراب مثلا ، الذي هو أكثر شىء تحمله الريح ـ فى هذا التشبيه إشارة إلى أن الأعمال التي يجدها الكافرون بيوم القيامة ، هى مخلّفات تلك الأعمال التي كانوا يعدّونها من الأعمال الصالحة .. وأنها وإن كانت صالحة فى ذاتها ، إلا أن كفرهم بالله قد أكلها كما تأكل النّار الحطب ، ولم يبق منها إلا هذا الرماد ، الذي ذهبت به العاصفة كل مذهب ..