لتضمنه الطلب ، كما قال صلىاللهعليهوسلم : «أفضل الدعاء : الحمد لله» فسمّى الحمد دعاء ، وهو ثناء محض ، لأن الحمد يتضمن الحب والثناء ، والحب أعلى أنواع الطلب للمحبوب!.
ثم يقول ابن القيم :
«وتأمل كيف قال «تعالى» فى آية الذكر : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً) وفى آية الدعاء : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) فذكر التضرع فيهما معا ، وهو التذلل والتمسكن ، والانكسار ، وهو روح الذكر والدعاء .. وخص الذكر بالخفية لحاجة الذكر إلى الخوف ، فإن الذكر يستلزم المحبة ويثمرها ولا بدّ ، فمن أكثر من ذكر الله أثمر له ذلك محبته ، والمحبة ما لم تقترن بالخوف ، فإنها لا تنفع صاحبها ، بل تضره ، لأنها توجب الإدلال والانبساط وربما آلت بكثير من الجهال المغرورين إلى أنهم استغنوا بها عن الواجبات ، وقالوا : المقصود من العبادات إنما هو عبادة القلب ، وإقباله على الله ومحبته له ، وتأليهه له .. فإذا حصل المقصود ، فالاشتغال بالوسيلة باطل!
«فإن من سلك هذا المسلك انسلخ عن الإسلام العام كانسلاخ الحبة عن قشرها ..
«وسبب هذا ، عدم اقتران الخوف من الله ، بحبه وإرادته (أي كونه مريدا له). ولهذا قال بعض السلف : «من عبد الله بالحب وحده ، فهو زنديق ، ومن عبده بالخوف وحده ، فهو حرورى (١) ومن عبده بالرجاء وحده ، فهو مرجىء (٢) ،
__________________
(١) الحروري : نسبة إلى فرقة من فرق الخوارج ، تعرف بالحرورية ، الذين يقولون بالقدرة المطلقة للعبد.
(٢) المرجئة : من الفرق الخارجة على الملة الإسلامية ، وهى التي تتعلق بالرجاء من غير عمل.