غير مثال سابق .. فإعادة الشيء إلى أصله بعد فساده ، وانحلاله أهون ـ فى تقديرنا نحن البشر ـ من إنشائه ابتداء على غير مثال سبق .. والله سبحانه وتعالى يقول : (كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ) (١٠٤ : الأنبياء) .. ويقول سبحانه : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٢٧ : الروم) ..
وفى قوله تعالى : (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) بيان للحكمة التي من أجلها كان بعث النّاس ، ورجعتهم إلى الله بعد موتهم .. وهى أن يوفّى النّاس أجورهم ، وينالوا جزاء أعمالهم .. إذ الحياة الدنيا دار ابتلاء وعمل ، والحياة الآخرة دار حساب وجزاء .. الدنيا مزرعة الزارعين ، والآخرة حصاد الحاصدين ..
ومن هنا كان من مقتضى حكمة الخالق أن يعيد النّاس بعد موتهم ، ليوفّيهم جزاء أعمالهم فى الدنيا .. (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ) أي بالحق والعدل ، (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ) أي من سائل حارّ كما يقول الله تعالى (إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ* طَعامُ الْأَثِيمِ* كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ* كَغَلْيِ الْحَمِيمِ) (٤٣ ـ ٤٦ : الدخان).
(وَعَذابٌ أَلِيمٌ) أي ومع هذا الشراب من الحميم عذاب أليم ، وبهذا يحتويهم العذاب من الداخل والخارج ، فى بطونهم ، وفى أجسادهم ..
(بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) وذلك بسبب كفرهم بالله ، وصدّهم عن سبيله ..
والسؤال هنا :