هو ردّ مفحم مخرس على قولهم : (إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ).
إن الصميم من الدعوة التي يدعوهم الرسول إليها ، هو الإيمان بالله واتخاذه ربّا متفردا بالربوبية وحده ، لا شريك له .. إنه خالقهم ، وخالق كل شىء. خلق السموات والأرض فى ستة أيام ، وقام بجلاله وسلطانه على هذا الوجود الذي انفرد بخلقه ، وانفرد بسلطانه عليه! فهكذا شأن كل مالك فيما ملك .. وهكذا شأن كل سلطان فيما تحت يده ، أنه متسلط عليه ، متصرف فيه كيف يشاء ، وإلا فما استحق هذا الوصف. والله سبحانه ، هو الذي يدبّر أمر الملك الذي تحت سلطانه ، ويقدّر أقواته وأرزاقه ، ويمسك وجوده ، ويحفظ نظامه ..
وليس لأحد شفاعة عنده فى أحد إلا بإذنه ، فضلا وكرما منه ، لمن أراد له الفضل والكرامة من عباده ..
وأيّا ما كان لهذا المخلوق الذي أذن له بالشفاعة ـ من منزلة عند الله ، فهو عبد من عباده ، خاضع لمشيئته ، مقرّ بعبوديته ، خاشع لجلاله وعظمته!.
فما أضلّ هؤلاء الذين يتخذون من خلقه آلهة يعبدونها من دونه .. إنّهم يسقطون من عل ، إذ يتخذون من المخلوقات آلهة لهم ، ويدعون الخالق الذي خلقهم ، وخلق ما يعبدون ..
(وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ* لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ* يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ* وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ) (٢٦ ـ ٢٩ : الأنبياء)