وإضافة القدم إلى الصدق ، إشارة إلى الطريق الذي تسلكه هذه القدم ، حتى تصل بصاحبها إلى جناب الله ، وتنزل بساح رضوانه ، ونعيمه ، وهى طريق الحق ، والصدق ، وإلا كان مسعاها على الضلال ، وإلى الضلال والبلاء. والله سبحانه وتعالى يقول : (فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ)؟
وقوله تعالى : (قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ) هو جواب عن سؤال يقتضيه هذا المقام ، وينطق به لسان الحال ، وهو : ماذا كان موقف الناس من تلك الدعوة التي جاءهم الرسول بها؟
والجواب الذي ينطق به الواقع هنا فى هذا الوقت هو : لقد استجاب له قليلون ، وبهته وكدّبه كثيرون.
ولكن القرآن الكريم جاء بالجواب الذي يكشف عن المجرمين ، ويمسك بهم وهم متلبسون بجريمتهم : (قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ) ..
لقد ضلّوا ، وعموا ..
فما أبعد ما بين دعوة الرسول ومعطياتها ، وبين السّحر وشعوذته!! وفى وصف السحر بأنه سحر مبين شهادة عليهم بأن القرآن على مستوى فوق مستوى ما يعرفون من كلام ، وأنه من واردات السحر المبين العظيم ، الذي لا يحسنونه!! وماذا عليهم لو قالوا إن هذا القرآن من عند الله ، ومن واردات السماء ، إذ كان عندهم فوق مستوى البشر؟
وقوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ) ..