ـ وفى قوله : (لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ) ـ الرجاء هنا ليس واقعا على عودته إلى النّاس ، إذ أن عودته إليهم أمر مقطوع به ، غير متعلق على شىء .. وإنما وقع الرجاء هنا على محذوف تقديره : لعلى أرجع إلى الناس بما يكشف لهم عما أصابهم من بلبلة واضطراب ، إزاء هذه الرؤيا التي رآها الملك ، وحار العلماء والسحرة والمنجمون فى فكّ طلاسمها وحلّ رموزها ..
أما الرجاء فى قوله : (لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ) فهو واقع على الناس ، وعلى العلم الذي يجيئهم به من يوسف عن هذه الرؤيا .. أي لعلهم يعلمون من هذا قدرك وفضلك ، وأنك الصّدّيق الذي لا يتّهم ، وأنهم قد اتهموك ظلما ، وأودعوك السجن بغير جريرة .. أو لعلهم يعلمون ما غاب عنهم علمه من هذه الرؤيا ، وأعجزهم الوصول إليه.
(قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ ، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ ، ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) الدأب : المستمر ، المتصل ، فى جدّ ومثابرة.
شداد : أي فيها شدة ، وقسوة ، وجدب.
تحصنون : أي تحفظون .. ومنه الحصن ، لأنه يحفظ من فيه ، والحصان ، والمحصنة ، لأنها تحفظ نفسها من الإثم .. والحصان «بالكسر» لأنه يحفظ راكبه ، ويمنحه قوة على عدوّه ..
يغاث الناس : أي ينزل عليهم الغيث ، وهو المطر ، الذي يحمل إليهم الحياة ، ويمدّهم بالخصب والنماء.
يعصرون : أي يصنعون الخمر من الأعناب ، التي تزدهر وتثمر فى هذا العام.