أمة أو شعب أو قبيلة ، السّمة التي تعرف بها ، وتكون معلما من المعالم الدالة عليها .. تماما كالاختلاف بين الأفراد ، الذي به يعرف لكل فرد ذاتيته وشخصيته ، بحيث لا يكون الناس جميعا على وجه واحد ، لا يختلف فيه إنسان عن إنسان.
وقول الرسول الكريم : «الناس سواسية كأسنان المشط» مكمل لقوله صلوات الله وسلامه عليه : «الناس بخير ما تباينوا» .. فهم على سواء فى المعنى الإنسانى الذي يجمعهم ، وهم فى الوقت نفسه أفراد متمايزون ، لكل فرد وجوده الخاص ، وذاتيته المشخّصة له ، وعالمه المتفرّد به ..
وعلى هذا المفهوم للإنسان ، قامت أحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها .. فهى تتعامل مع الإنسان باعتبارين .. باعتبار أنه فرد له ذاتيته وله عالمه الخاص الذي يعيش فيه ، وباعتبار أنه عضو فى مجتمع ، أشبه بالعضو فى الجسد .. وهذا النظر الذي تنظر به الشريعة الإسلامية إلى الإنسان ، وتعامله به على أساسه ، هو الواقع الذي يعيش فيه الإنسان ، حيث كانت له حياة يعيش بها فى الناس ، وحيث كانت له ذاتية يعرف بها بينهم.
فالحياة تتعامل مع الإنسان بوجهيه معا .. وجهه الشخصي الفردى ، ووجهه العضوى الاجتماعى .. فتستقبله الحياة فردا .. تعطيه وتأخذ منه ، وتستقبله فى مجتمعه الأسرى ، والقبلىّ ، والشعبي ، والأممى ، والإنسانى عامة .. فتعطيه ، وتأخذ منه أيضا.!
والحياة ، فى كلتا الحالين ، ترى الإنسان بكل مشخصاته ، لم يفتقد شيئا من عناصر وجوده الذاتي ، ولو ألقى به فى محيط العالم الإنسانى كله .. تراه مرة كما يبدو من خلال عين «المصورة» إذا كان بمفرده فى مجال هذه العين ، وتراه مرة أخرى كما يبدو من خلال هذه العين ، وقد وقع فى مجالها ملايين البشر!