أن له علما ، وأن لله سبحانه وتعالى علما فوق هذا العلم ، لا تناله الأفهام ، ولا تدركه العقول ..
وقد علم نوح أين يقف به علمه .. فقال :
(قالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخاسِرِينَ).
فهو يستعيذ بالله أن يجهل حدّ ما بين المخلوق والخالق ، فيجاوز هذا الحد ، فيكون ظالما لنفسه ، معتديا على حدود الله .. ولهذا ، فقد عرف أن ما كان منه من سؤال عن ابنه ، وعن حكمة الله فى إغراقه مع المغرقين ـ هو أمر جاوز به الحدّ الذي ينبغى أن يقف عنده مع الله ، فجاء إلى الله تائبا مستغفرا .. فتلّقاه الله سبحانه بالقبول والمغفرة ..
فقال سبحانه :
* (قِيلَ يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ عَلَيْكَ وَعَلى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ).
ولقد هبط نوح إلى الأرض ، يصحبه السلام والبركة من الله : «اهبط بسلام منّا وبركات عليك ، وعلى أمم ممن معك» .. وقد أخذ الذين كانوا مع نوح حظهم من هذا السلام وتلك البركة ، فكانوا جميعا محفوفين بالسلام والبركة من رب العالمين ..
ـ وفى قوله تعالى : (وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ) ـ إشارة إلى أن من مواليد هؤلاء الذين كانوا مع نوح ستنشأ أمم كثيرة ، وأن هذه الأمم التي ستنشأ من ذرّية هؤلاء القوم المؤمنين ، لن يكونوا على شاكلة واحدة ، بل سيكون منهم المؤمنون الذين يمسّهم السلام ، وتحفّهم البركة من الله ،