فالأعمى .. إذا دعا لا يجد لدعائه من يسمع ويستجيب! .. وهو لا يملك غير الدعاء ..
والأصمّ .. إذا أشار ، لا يجد من يبصر إشارته ، ويترجم مضمونها .. وهو لا يملك غير الإشارة .. فهذا هو عالم الضّالين والكافرين .. هم بين أعمى ، لا يجد من الصمّ الذين بين يديه ، من يستمع له .. وبين أصمّ ، لا يجد من العمى الذين معه من يستجيب لإشارته .. فكل منهم ضالّ يحتاج إلى من يهديه ، ويسدّ النقص الذي فيه ، فكيف إذا كانوا كلّهم عميا وصمّا؟
أما الذين آمنوا .. فهم عالم نابض بالحياة ، مستكمل كل أسباب الوجود الكريم .. فهم بين سامع ومبصر ، وسميع وبصير .. ليس فى عالمهم مئوف فى حاسّتيه هاتين .. وإنما هم متفاوتون فى درجات السّمع والبصر .. فإذا كان فيهم السامع ، فإن فيهم من هو أرهف سمعا ، وهو «السميع» ، وإذا كان فيهم من هو مبصر ، فإن فيهم من هو أحد بصرا وهو «البصير» .. وبهذا يكمّل بعضهم بعضا ، ويصبحون آخر الأمر جهازا سليما كاملا ، للمسموعات ، والمبصرات جميعا .. يلتفطون كل مسموع ، ويتبادلون المعرفة فيما سمعوا ، ويكشفون كل منظور ، ويتعاطون العلم لكل ما أبصروا واستبصروا!
ـ وفى قوله تعالى : (هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً) استفهام يراد به تقرير النفي .. أي لا يستوى الفريقان أبدا.
«ومثلا» : تمييز .. أي هل يستوى هذان الفريقان من جهة المماثلة بينهما ، والموازنة بين قدريهما؟
ـ وفى قوله تعالى : (أَفَلا تَذَكَّرُونَ) تحريض لذوى الألباب أن يقفوا عند