هذا اليوم ، يوم الجزاء.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ)
أخبتوا إلى ربهم : الإخبات : الولاء والخضوع ، وأرض خبيت أي مطمئنة مستوية ..
والمعنى أنه إذا كانت النار مثوى الظالمين ، فإن الجنة هى دار المتقين ، الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، وأسلموا أنفسهم لله ، وأخلصوا له الولاء والطاعة ، واستقبلوا آيات الله فى غير عناد واستكبار ، ونظروا إليها بغير استعلاء وازدراء ، فعرفوا أنها الحقّ ، فاتبعوه.
وفى المقابلة بين أصحاب النار وأصحاب الجنة ، نظر لناظر ، وعبرة لمعتبر .. فهناك شقاء ، وبلاء ، ونكال ، وهنا نعيم ، ورحمة ، ورضوان .. ولكلّ منزلة أهلها ، والعمل هو الذي يضع كل إنسان موضعه.
قوله تعالى : (مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ)
هو عرض للفريقين معا ـ الذين كفروا ، والذين آمنوا .. أصحاب النار ، وأصحاب الجنة ـ فى هذه الصورة الحسيّة ، التي يراها الناس رأى العين ، والتي تمثل حال كلّ منهما فى وضوح وجلاء ..
فالذين كفروا يرون صورتهم على صفحة مرآة ، لا تتحرك عليها إلا أشباح آدميين ، معطوبين ، مصابين بآفات العمى والصمم ..
وإن الذي ينظر فى هذه الأشباح المتحركة على تلك الصفحة ، يرى عالما يضرب فى نيه وضلال ، ويتخبط فى ظلام وضباب.!